-
مسيرة "حسان عباس": رائد النقد الأدبي والمواطنة في سوريا
في الخامس عشر من أبريل للعام 1955، وُلد في مدينة مصياف في محافظة حماه وسط سوريا، وهي مدينة تاريخية، وتشتهر بقلعتها الإسماعيلية ومناظرها الطبيعية الخلابة، حسان عباس، الأكاديمي والباحثً والناشط السوري، رئيس الرابطة السورية للمواطنة، من والد محامي ووالدة كانت مُدرسة، وله أربعة إخوة.
السفر إلى فرنسا والعودة منها..
سافر عباس إلى فرنسا، حيث قضى سنوات 1974-1977 في دراسة الطب في جامعة مونبلييه، لكن نفسه عافتها، أو فشل في هذا المجال، فعاد لدراسة الأدب الفرنسي في جامعة دمشق، وعاد إلى باريس في العام 1982 ليدرس النقد الأدبي في جامعة السوربون، حيث حصل على شهادة الدكتوراه في النقد الأدبي عام 1992، وحاز على وسام السعفات الأكاديمية الفرنسي من رتبة فارس عام 2001، تقديراً لإسهاماته العلمية والثقافية.
بعد حصوله على الدكتوراه، عاد إلى سوريا حيث أصبح أستاذًا في المعهد الفرنسي للشرق الأدنى والمعهد العالي للفنون المسرحية في دمشق، كما أنه قد تم دعوته كمحاضر في عدد من الجامعات والمعاهد العربية والأوروبية.
وتخصص عباس في مجالات النقد الأدبي والمسرحي والسينمائي والثقافي، ونشر العديد من الكتب والمقالات والدراسات في هذه المجالات، مثل "الجسد في رواية الحرب السورية".
وأطلق عباس نشاطاً ثقافياً دورياً تحت اسم “منتدى الجمعة الثقافي” في المعهد الفرنسي للشرق الأدنى، واستمر هذا النشاط لأربعة عشر عاماً، قدم خلالها ما يزيد عن 400 فعالية، شملت محاضرات وندوات وعروض أفلام ومسرحيات ومعارض فنية وحفلات موسيقية وقراءات شعرية وروائية.
واستضافت شخصيات ثقافية وفنية وسياسية محلية وعربية وعالمية، وأدار عباس ناديين للسينما، أحدهما مخصص للسينما العربية والآخر للسينما العالمية، أيضاً ساهم في تأسيس وإدارة عدد من الجمعيات المدنية العاملة في مجالات الثقافة والمواطنة وحقوق الإنسان.
الحرب السورية..
عباس كان معروفًا بدوره البارز في الحراك السلمي والمطالبة بالديمقراطية والحرية في سوريا، خاصة بعد اندلاع الحراك الشعبي في سوريا عام 2011، وكان يؤمن بأن أي شكل ستنتهي إليه الأزمة السورية لن يقوى على بناء الدولة المدنية الديمقراطية ما لم يقم على أساس المواطنة، وقد أشار إلى أن المواطنة ترفض المحاصصة الطائفية وتطالب بالمساواة والعدالة والحقوق الإنسانية لجميع السوريين.
كما كان عباس من الموقعين على بيان دمشق، والذي دعا إلى إصلاحات سياسية واجتماعية في سوريا، وكان أيضًا من المشاركين في مؤتمر الحوار الوطني السوري في القاهرة عام 2012، والذي حاول إيجاد حل سلمي للنزاع السوري.
وفي مقالة بعنوان “ثم يأتي العبث”، قدم قراءة للأحداث السورية بناءً على نظرية الأجناس الأدبية، حيث اعتبر أن الحكاية السورية مرت بثلاث مراحل متتابعة: الملحمية، التراجيدية، والمأساوية.
اقرأ أيضاً: رحيل القامة الفكرية والثقافية السورية "حسان عباس"
وقال إن المرحلة الملحمية هي التي بدأت مع اندلاع الحراك الشعبي عام 2011، وتميزت بالبطولة والتضحية والتحدي والتماسك والتنوع والإبداع، وأن المرحلة التراجيدية هي التي تلتها، وتميزت بالانقسام والعنف والتدخل الخارجي والتطرف والتهميش والتشريد، وأن المرحلة المأساوية هي التي نحن فيها الآن، وتميزت بالعبث والفوضى والانهيار واليأس والتخلي والتنازل.
وأضاف أن هذه المراحل لا تلغي بعضها بعضاً، بل تتداخل وتتراكم وتتفاعل، وأن الحكاية السورية لم تنته بعد، وأنه يجب أن نستمر في الكتابة والقراءة والحوار والنقد والتحليل والتأمل.
ويمكن القول إن حسان عباس كان صوتاً مهماً ومؤثراً في الحوار حول الحراك الشعبي والمجتمع السوري، ومع ذلك، فيما ترك رحيله في السابع من مارس العام 2021، فراغاً كبيراً في الحياة الثقافية والأكاديمية في سوريا، وقد نعاه العديد من الأصدقاء والزملاء والطلاب والمحبين، الذين أشادوا بإنسانيته وعلمه ونشاطه وموقفه.
ليفانت-خاص
إعداد: أحمد قطمة
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!